البرنامج التربوي الرسالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


كل مايتعلق بالبرنامج التربوي الرسالي لحركة التوحيد والإصلاح المغربية.
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التربية على حقوق الإنسان في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المشرف
Admin
المشرف


ذكر عدد الرسائل : 159
تاريخ التسجيل : 20/03/2008

التربية على حقوق الإنسان في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: التربية على حقوق الإنسان في الإسلام   التربية على حقوق الإنسان في الإسلام Emptyالثلاثاء أبريل 01, 2008 5:43 pm

املاحظة منهجية:
في موضوع "التربية على حقوق الإنسان في الإسلام"سوف لن يتم الكلام عن حقوق الإنسان –كما هي في دين الله سبحانه- حقا حقا,مثلما هو الأمرعند من تناول هذا الجانب.وإنما سيتم التركيز على الجوانب التي يربي بها الإسلام الفرد المسلم على احترام تلك الحقوق.وبمعنى آخر سوف لن نتساءل- مثلا- عن المراد بحق المساواة في الإسلام,وما حرمه دين الله مما يفرق أو يميز بين الناس,والمناحي التي تشملها المساواة-كما يريدها سبحانه وتعالى- بين بني البشر وعدم الإخلال بها سلوكا لدى المسلم يحياه في خاصة نفسه ومع غيره.فإذا ما اتضح هذا أمكن طرده في باقي الحقوق والواجبات.
-تــوطـــــــــئة:
لعله أصبح من بديهيات الأفكار أنه لا يمكن فصل مفهوم حقوق الإنسان عن المدار الحضاري الذي يدور فيه.من هنا تطرح الخصوصية بل نفيها بالإدعاء أن الأخذ بها ممارسة للإقصاء مثلا.أو بالزعم أن مفهوم حقوق الإنسان- الغربي تحديدا – مفهوم كوني,إذ الواقع يثبت يوميا عن يوم أن القيم التي يعبر عنها مفهوم حقوق الإنسان الذي يراد تعميمه اليوم,ليست قيما كونية ولا تعبر عن خصوصيات شعوب العالم,بقدر ما هي قيم غربية,وبالتحديد أمريكية,يراد لها أن تصبح عالمية.والحال أن المطلوب أن تكون ملتقى خصوصيات. لا تعبيرا عن الخصوصية الأمريكية.
توضيح ما سبق أننا حين ننقب في تاريخ الفكر نجد أن الفكر اليوناني أبدع القانون الأخلاقي الصادر عن إرادة الآلهة {1}.هذا القانون الأخلاقي بلور القانون الروماني – انطلاقا منه – ما عرف بإسم "القانون الطبيعي" الذي يعني وجود قانون كامن في طبيعة الأشياء و يتوصل إليه عقل الإنسان. باعتباره الفكر الأوربي الوريث الطبيعي للفكر اليوناني و الروماني، فقد عرفت فكرة "القانون الطبيعي" طريقها إلى أوربا في القرن الثالث عشر الميلادي. وقد استمد منها المفكرون الغربيون، خاصة منهم الإنجليزي جون لوك{1632-1706}، فكر "الحق الطبيعي" و بما أن العقل يستقبل بالتوصل إلى معرفة القانون، فكذلك هو كفيل باستخلاص و استنباط التشريعات التي تصون ذلك "الحق الطبيعي" بل "الحقوق الطبيعية".هذه الفكرة شكلت الأساس الذي عليه مجموعة من المفكرين – خاصة الفرنسيين أمثال فولتير و مونتسكيو و روسو – أبنية نظرية لتقرير حقوق أصلية و طبيعية للأفراد { نظرية العقد الاجتماعي مثلا}و كذا يمكن القول بأنه اعتبار الطبيعة – لا الدين – مرجعا أساسيا في تفسير مسيرة الحياة الاجتماعية و السياسية بالغرب، بمعنى آخر، إن فكرة وجود قوانين إلهية تحدد للإنسان حقوقه قد تم استبعادها و إقصاؤها نهائيا منذ القرن السابع عشر.
كذلك فإن الإنسان الغربي أصبح، مع تلاحق الأحداث السياسية و الاجتماعية، وحدة قائمة بذاتها، تمتلك تصورا فرديا نفعيا يركز على حقوق تلك "الوحدة" في مواجهة السلطة السياسية القائمة. من هنا ارتبطت فكرة الحقوق الطبيعية بفكر الحرية الفردية.
و بما أن الغرب كان يعرف – القرن الثامن عشر الميلادي، بل قبله بمدة – غليانا اجتماعيا و سياسيا أدى إلى تركيز العلمانية السياسية أسلوبا للحكم، فإن فكرة الحقوق الطبيعية للإنسان، خاصة في مستوى الحكم و الدولة، سوف تصطبغ بصبغة هذا المعطى العلماني. و هكذا جاءت الأحداث التي ركزت على مفهوم حقوق الإنسان في الغرب تنضح بالظلال و الألوان التي أنتجها المسار الغربي في هذا المجال:
- في 04 يوليوز 1776، صدر إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، مستهلا بهذه العبارة :" إننا نعتبر هذه الحقائق بديهية، و هي أن الناس جميعا قد خلقوا متساوين، و أن خالقهم منحهم حقوقا ثابتة لا تقبل التحويل أو التبديل، و أن من بينها الحياة و الحرية و نشدان السعادة" {2}. فتركيزه واضح – في بدايته – على حقوق الإنسان في الحياة و الحرية و نشدان السعادة.
- و في سنة 1791 أقرت الجمعية التأسيسية بفرنسا وثيقة حقوق الإنسان التي وضعها "إمانويل جوزيف سييس"(1748-4836 m Emmanuel Joseph Sieyès) إبان الثورة الفرنسية التي بدأت أحداثها سنة 1789، وقد جاء في مادة هذه الوثيقة أو الإعلان الأولى: "يولد الناس و يعيشون أحرار متساوين في الحقوق، و الفوارق الاجتماعية لا يمكن أن تبنى إلا على أساس المنفعة المشتركة {3}.
و قد تم تدويل هذه الحقوق كما جاءت في الإعلانين: إعلان استقلال الولايات المتحدة و إعلان الثورة الفرنسية بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية و ذلك بإقرار الأمم المتحدة في العاشر من دجنبر 1984 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي جاء في مقدمتة ما يلي :" لما كان الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، و من حقوق متساوية و ثابتة، يشكل أساس الحرية و العدالة و السلام في العالم.....فإن الجمعية العامة تنشر على الملإ هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب و كافة الأمم ....{4}
إن كل ما سبق كان ضروريا لاستخلاص ما يلي:
أولا: إن فكرة "حقوق الإنسان" بالشكل الذي تسود به الآن في العالم هي تصور غربي الأخذ به أخذ بالنزعة المركزية التي تعني "تميز النموذج الغربي للحضارة و الثقافة و تفرده و اعتبار كل ما عداه صورا بدائية و متوحشة و غير قابلة للاستمرار، ليس أمامها إزاء النموذج الأوحد إلا الاندثار أو المشاكلة"
ثانيا: إنه من المستحيل عزل فكرة "حقوق الإنسان" بمعناها الغربي عن سياقها التاريخي و العقائدي و التشريعي الغربي، ذلك السياق الذي يعتبر فصل الدين عن واقع الحياة فيه – أي العلمانية – مقوما أساسيا من مقوماته. فليست هناك،بالتالي، قوانين و لا تحديدات و لا حقوق تفرض من الأعلى، بل كل القوانين و كل الحقوق و التحديدات يتم إرجاعها إلى الطبيعة لكي يتم الارتكاز في النهاية على العقل فيها، و لعل هذا الارتكاز قد يؤدي إلى ارتكاس في هذه الحقوق و القوانين و ذلك بقيام حركة عقلية أو فكرة تدلل على استحالة وجود حقوق طبيعية ثابتة، ألم يبرر ماركس – و إنجلز أيضا – استعمار الهند و المكسيك مثلا بالعقل؟ {6}
و استنادا لما سبق، القول بأن تحديد تصور شمولي و صحيح لحقوق الإنسان مرتبط بالتفسير الموضوعي الواقعي الصحيح لمفهوم «الإنسان" بصفة عامة. فالإنسان لدى الغربيين هو "الإنسان الأبيض" الأوربي أو الأمريكي و هذا المعنى للإنسان أدى مثلا إلى تجزئ مفهوم العدل أو نسبيته {7}. و هكذا غدا الاعتداء على غير الرجل الأبيض {الأوربي أو الأمريكي} و هضم حقوقه أمرا مبررا و مشروعا، في حين أن العدل في الإسلام حق إنساني مشترك لا يجوز تجزيئه لاختلاف دين أو لغة أو لون أو عنصر.... فهو مفهوم شمولي لكل الناس. يقول تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين، إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما، فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا، و إن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا } "النساء 135". و يقول سبحانه : {يا لأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، و لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى، و اتقوا لله، إن الله خبير بما تعملون} "المائدة8"
لذلك فمفهوم حقوق الإنسان في الإسلام مفهوم شامل غير مرتبط بقوم معينين أو بتاريخهم أو بفضائهم المعرفي كما هو الحال في الفكر الغربي، و ذلك لسبب بسيط هو أن مصدر هذه الحقوق هي شريعة رب العالمين، "و هي عدل كلها و رحمة كلها" كما يقول ابن القيم رحمه الله.و بما أن منهج هذه الشريعة من الله عز و جل، "فهو منهج قائم على العدل المطلق،
أولا : لأن الله يعلم حق العلم بم يتحقق العدل المطلق و كيف يتحقق،
و ثانيا: لأنه سبحانه رب الجميع، فهو الذي يملك أن يعدل بين الجميع..."{8}
لكن كيف يربي الإسلام المرء على احترام حقوق الإنسان ؟
II. التربية على حقوق الإنسان في الإسلام
يمكن تناول ذلك من خلال الجوانب التالية:
1- لقد كرم الله الإنسان و فضله على سائل المخلوقات:
{و لقد كرمنا آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } {الإسراء 70}
و من دواعي تكريم الجنس البشري ألا تفاصيل إلا على أساس منطقي و معقول و هو التقوى في دين الله: " لا فضل لعربي على عجمي، و لا لعجمي على عربي، و لا أسود على أبيض و لا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، كلكم لآدم و آدم من تراب" {9} و التقوى ضمان لحقوق الغير: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: المسلم أخ المسلم لا يظلمه و لا يخدعه و لا يكذبه و لا يحقره التقوى هاهنا " ويشير إلى صدره ثلاث مرات.....{10}.
إن مبدأ الكرامة الإنسانية "هو أصل الحقوق و الحريات للإنسان الفرد، لأنها مظهر شخصيته المعنوية و امتدادها في المجتمع السياسي، ثم لم يجتزئ القرآن الكريم بتأصيل هذا المبدأ مفهوما كليا نظريا، بل تراه يثير في الإنسان شعوره بكرامته، و يشرع من الأحكام العملية التفصيلية التي تتعلق بكافة شؤون الحياة ما يجعل تحقيق هذا المبدأ النظري أو المفهوم الكلي أمرا واقعا ..." {11}
2- عمل الإسلام على تركيز سلطة الإيمان بالله وحده، و إيجاب طاعته على طاعة سواه. هذا التوحيد يكسب المؤمن به كرامة تخول له التمتع بحقوق عديدة كما سبق.
إضافة إلى ذلك، فإن الخضوع لله وحده يستتبع الخضوع لله يستتبع لأحكامه التي توجب احترام حقوق الغير و العمل على صيانتها. أخرج البخاري رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"إن الله حرم عليكم دماءكم و أموالكم و أعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" {12}
و أخرج أيضا عن المعزور عن أبي ذر قال: رأيت عليه بردا و على غلامه بردا، فقلت: لو أخذت هذا فلبسته كانت حلة، و أعطيته ثوبا آخر، فقال: كان بيني و بين رجل كلام، و كانت أمه أعجمية، فنلت منها، فذكرني إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال لي: أساببت فلانا؟ قلت: نعم. فقال: أفنلت من أمه؟ فقلت : نعم . قال: إنك امرؤ فيك جاهلية. قلت: على حين ساعتي هذه من كبر السن؟ قال: نعم، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل و ليبسه مما يلبس، و لا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه" {13}
يعتبر الإسلام تلك الحقوق حقوقا للبشر، وأيضا حقوقا لله تعالى لا يجوز الإخلال بها، وماذاك إلا لأنه"لايوجد حق للعبد إلا وفيه حق لله تعالى" 14 "فكل حكم من أحكام الشريعة قائم إذا على أساس حق الله، وكل حكم متضمن في الوقت نفسه حقا للعباد، على تفاوت في مدى ظهور هذه الحقوق واختلاف في تعلقها بالدنيا أو بالآخرة"15
إن هذا الأمر يوجب على المرء الالتزام بتلك الحقوق واحترامها باستمرار، وإلا الإخلال بها معاندة لحق الله سبحانه فيما أراده لعباده
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://rissali.yoo7.com
المشرف
Admin
المشرف


ذكر عدد الرسائل : 159
تاريخ التسجيل : 20/03/2008

التربية على حقوق الإنسان في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: التربية على حقوق الإنسان في الإسلام   التربية على حقوق الإنسان في الإسلام Emptyالثلاثاء أبريل 01, 2008 5:44 pm

يوجه الإسلام الغرائز إلى تحقيق غايات سامية، ولا يدعو إلى استئصالها والقضاء عليها نهائيا:
فالغضب مثلا غريزة إنسانية عمل الإسلام على توجيهها الوجهة السليمة التي تتحقق معها تلك الغايات السامية والنبيلة. وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"16. فقد يغضب الإنسان لكن لا ينبغي أن يدفعه غضبه إلى استعمال القوة ضد الناس وصرعهم.
أما إذا كان الغضب لأمر الله الذي يعود على الناس بالنفع، فإنه محمود ومقبول: عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: أتى رجل النبي صلى الله علي وسلم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا. فقال فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط أشد غضبا في موعظة منه يومئذ. فقال: يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة.17
والعصبية الجاهلية مذمومة بما أنها لوثة قوم أو نعرة جنس. وفي الحديث" ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية"
لكن العصبية مقبولة إذا كانت نصرة للحق: أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ تأخذ فوق يديه" 19
فالمطلوب إذن تصريف تلك الغرائز في خدمة أغراض الشرع من تحقيق للعدل والمساواة والحرية وغير ذلك، لا محوها نهائيا من النفس الإنسانية.
يعتبر الإسلام تحقيق مصلحة الإنسان مقصدا أساسيا للتشريع، بما يعنيه ذلك الاعتبار من العمل على ضمان الحقوق الأساسية لإنسان، بما أنها مصالح ثابتة لا تخرج عن الدوائر الثلاثة الكبرى: الضروريات والحاجيات والتحسينيات." هذه المصالح-على تفاوتها- تعتبر مفاهيم دستورية أساسية كبرى، تستقطب كافة قواعد التشريع السياسي، وأحكامه التفصيلة، المنصوصة منها والاجتهادية"20
وفي دائرة الضروريات رسم الإسلام حقوقا مشروعة لخصها علماء الأمة في خمس: مصلحة الدين، ومصلحة النفس، ومصلحة العقل، ومصلحة العرض ثم مصلحة المال. فالإسلام رفع إذن من قيمة بعض حقوق الإنسان إلى مرتبة الضروريات التي لا تستقيم حياة الإنسان إلا بمثل حق الحياة(مصلحة النفس)، وارتقى ببعضها الآخر إلى مرتبة الحاجيات مثل حرية الرأي، إلى غير ذلك.
إن هذا الإطار الذي رسمه التشريع في النظر إلى حقوق الناس، وفق الدوائر الثلاث، هو إطار يستوعب كل حقوق الإنسان، انطلاقا من رؤية عامة للدين، لخصها أبن القيم رحمه الله في قوله:"إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها ورحمة كلها،ومصالح كلها، وحكمة كلها. فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة. وإن دخلت فيها بالتأويل..."
وفي هذا الإطار أيضا قد ينظر إلى استخلاص العلماء- استقراء من نصوص الشريعة- قواعد تكرس حقوق الإنسان بشكل صحيح، مثل "لا ضرر ولا ضرار" و "الضرر يزال" ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح" والإضرار لا يبطل حق الغير و "الأصل براءة الذمة" و"البينة حجة متعدية والإقرار حجة قاصرة" ويضاف الفعل إلى الفاعل لا الآمر ما لم يكن مجبرا" ... وغير ذلك من القواعد.
شرع الإسلام الأحكام أحكاما تضمن تحقيق تلك الحقوق. من أمثلة ذلك:
في حق الحياة، قال تعالىSadمن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) (المائدة32). وقال تعالىSad ولا تقتلوا أولادكم من إملاق...)(الأنعام151)... وغير ذلك.
في حق الحرية: قال عمر رضي الله عنه مثلا:"متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟" كما شرعت أحكام الإكراه والاضطرار واشترطت الحرية في التكليف...
وفي حق المساواة، قال تعالى Sadإنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)(الحجرات13). ومرت أحاديث في نفس المعنى.
وفي حق العدل، لا يجوز الظلم:"يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا..." 23 وهو-أي الظلم- مرفوض حتى في حق غير المسلم:عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما"24
ويطول المجال ‘إذا ذهبنا نستعرض أمثلة أخرى، غير أننا نعيد التأكيد أن ما يهمنا هنا هو التربية على حقوق الإنسان في الإسلام لا استعراض تلك الحقوق، إذ البحث في حقوق الإنسان في الإسلام "يتطلب منا بيان الشريعة الإسلامية بكاملها"25 و"الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام"، والمرفق مع هذا الموضوع، يشير إلى جملة من تلك الحقوق.
وتجدر الإشارة، أخيرا إلى أن كل جزيئة في دين الله تعالى لابد أنها شاملة قطعا أو أكثر من حقوق الإنسان، إذ "الأعمال الشرعية ليست مقصودة لأنفسها، وإنما قصد بها أمور أخر هي معانيها، وهي المصالح التي شرعت لأجلها. فالذي عمل من ذلك على غير هذا الوضع فليس على وضع المشروعات"26
وليس في وسعها إدراك جميع تلك المصالح والحقوق، وحكم الله سبحانه في خلقه كثيرة، أدركنا بعضها وستر عنا سبحانه الكثير منها. وسبحان من تنزهت أفعاله عن العبث:"ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك)(آل عمران 191)
1- زهدي يكن، تاريخ القانون، ص 233
2- عن كتيب "هذه هي أمريكا" نشر وتوزيع وكالة الإعلام الأمريكية، والكلام في المتن موجود على ظهر الغلاف
3- حسين جميل، حقوق الإنسان في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة الثقافة القومية، الإصدار رقم 01، فبراير 1986 ص 18.
4- عن: المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، منشورات الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان، المغرب.ط1 /1998 ص11/12
5- أحميدة النيفر،"حقوق الإنسان في الإسلام: من الإسقاط إلى الذاتية" مقال بمجلة العالم اللندنية عدد 150 (حلقة 02)، 27 دجنبر 1986
6- يقول ماركس عن استعمال انجلترللهند:"...مهما تكن الجرائم التي قد تكون انجلترا ارتكبتها، فإنها الأداة غير الواعية للتاريخ في إنجاز هذه الثورة الجذرية لتمدين الشعب الهندي)عن: أدوارد سعيد، الاستشراق- المعرفة-السلطة- الإنشاء. ترجمة كمال أبو ديب/مؤسسة الأبحاث العربية بيروت ط 2/1984 ص 170/171
ويقول عبد الله ساعف عن ماركس أنه:"حيا استعمار إفريقيا الشمالية باعتباره عملا حضاريا جليلا" من كتاب:"كتابات ماركسية حول المغرب"إعداد وتعليق عبد الله ساعف، دار توبقال للنشر، ط1/1987 ص 29.
وكتب أنجلز بخصوص المكسيك:"وفي أمريكا شهدنا غزو المكسيك، وإن هذا لمما يثلج فؤادنا... فمن مصلحة نموه مستقبلا أن ينتقل إلى وصاية الولايات المتحدة"(نفسه ص 37 هامش 89)
7- هذا باعتبار ارتباط حقوق الإنسان بعدة مفاهيم كالعدل والحرية والمساواة وغيرها.
8- سيد قطب رحمه الله، في ظلال القرآن، دار الشروق، ط11/1985، ص6/890
9- أخرجه أحمد(2/411) عن أبي نضرة، وإسناده صحيح إلا أنه مرسل
10-أخرجه مسلم
11-د.فتحي الدريني"خصائص التشريع الإسلامي في السياسة والحكم، مؤسسة الرسالة، بيروت.ط1/1402-1982 ص108.
12-أخرجه في الأدب، باب قول الله تعالى :"يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم....هم الظالمون" حديث 6043
13-البخاري أيضا في الأدب، باب ما ينهي عن السباب واللعن، حديث 6050
14-شهاب الدين القرافي رحمه الله، الفروق، طبعة الحلبي، ص 1/141
15-د. محمد سعيد رمضان البوطي، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة، بيروت ط4/1402-1982 ص51
16-أخرجه البخاري في الأدب، باب الحذر من الغضب، حديث 6114
17-أخرجه أيضا في الأدب، باب ما يجوز من الغضب، والشدة لأمر الله تعالى حديث 6110
18-أخرجه مسلم في الإمارة، حديث 1848و1850
19-أخرجه البخاري في المظالم، باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما، حديث 2444
20-د.فتحي الدريني، مرجع سابق، ص 196
21-ابن القيم الجوزية رحمه الله، أعلام الموقعين، دار الجيل، بيروت، ص 3/3
22-ينظر شرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد بن محمد الزرقا، حيث يورد الكثير من الأمثلة عند شرحه للقواعد، وهي أمثلة تصلح موضوع دراسة في مجال حقوق الإنسان
23-جزء من حديث قدسي أخرجه مسلم في البر والصلة. حيث 2577
24-أخرجه البخاري في الديات، باب إثم من قتل ذميا بغير جرم، حديث 6914
25-د.سهيل حسين الفتلاوي، حقوق الإنسان في الإسلام، دار الفكر العربي، بيروت. ط1/2001 ص05
26-الإمام الشاطبي رحمه الله، الموافقات في أصول الأحكام، دار الفكر، بيروت، ص 2/268

حسن المعنقش
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://rissali.yoo7.com
 
التربية على حقوق الإنسان في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البرنامج التربوي الرسالي :: الصفحة الرئيسية :: مواضيع متميزة ( للنقاش والحوار )-
انتقل الى: