البرنامج التربوي الرسالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


كل مايتعلق بالبرنامج التربوي الرسالي لحركة التوحيد والإصلاح المغربية.
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المشرف
Admin
المشرف


ذكر عدد الرسائل : 159
تاريخ التسجيل : 20/03/2008

المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي   المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي Emptyالثلاثاء أبريل 01, 2008 5:39 pm

ينحصر النقاش اليوم مع بعض الإستثناءات حول الفكر السياسي الإسلامي في اتجاهين قاصرين في فهمه ومتعسفين في تحديد مناهجه :
1- الإتجاه العلماني بتوجيه التحرري والماركسي وهو أسير مقولة الإستشراق « الاستبداد الشرقي » (مونتسكيو) و« نمط الإنتاج الآسيوي » في التخريج الماركسي و« الدولة السلطانية » عندما كس فيبر القائمة على الحق الإلهي حيث تغيب مقاومة الطغيان وفي هذه القراءة المتعسفة يستحضر هذا الاتجاه صفحات مظلمة من التاريخ السياسي الإسلامي ويغيب صفحات منيرة ومشرقة.
2- أما الإتجاه الثاني الذي يمكن أن نسميه « التقليدي » فقد كان موقفه معاكسا تماما للإتجاه الأول حيث سحب بعض الصفحات المشرقة من تاريخنا على كل التاريخ الإسلامي سالكا طريق التبرير فيما يخص تلك الصفحات السوداء منه.
والمطلوب الآن هو التحرر من منهج كلا الاتجاهين في اتجاه نقد التاريخ الإسلامي والأوضاع الإسلامية إلى أنها نتاج بشري يحتمل الخطأ والصواب.
وفي إطار البحث عن التوازن بين السلطة والمجتمع أو فيما يسمى بالمجتمع السياسي والمجتمع المدني فإن موضوع المعارضة أصبح يستقطب الإهتمام أكثر من أي وقت مضى.
وفي هذا الإطار يصبح الفكر الإسلامي مطالباً بضرورة الإجابة على سؤال مشروع هو مفهوم أو مكان المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي ؟
بداية نقول أن القرآن الكريم والسنة النبوية لم ينصا على نموذج لنظام الحكم في الإسلام بقدرما ركز على مبادئه التي يقوم عليها : « مثل العدل الشوري .. والقول بغير هذا كما يقول الدكتور عبد الوهاب خلاف : « إن لم يكن ضربا من المحال فهو يؤدي بالأقل إلى الحرج الذي رفعه الإسلام عن المسلمين » والإسلام في هذا الإطار ترك باب الإجتهاد مقتوحا لإيجاد أفضل الصيغ وأنسبها لكل عصر ولكل مجتمع .. ونفس المقاربة تنسحب على موضوع المعارضة في الإسلام فإن الأمر يتعلق بمبادئ أكثر ما يتعلق بصيغ والمقصد ضروري في الإسلام ..
وأول ما يتبادر إلى الذهن في هذا الإطار ما يمكن اعتباره مقابلا في الفكر السياسي الإسلامي لمبادئ ومعاني المعارضة هو مبدأ الشورى (1) بما يحمل من معاني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : « ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر » (آل عمران 104) وإسداء النصح : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « الدين النصيحة. قلنا لمن ؟ قال : لله ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم » (رواه مسلم)، والقيام بالمراجعة والتقويم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « والله لتأمرن بالمعروف ولتنعمون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه قصرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم ثم ليلعنكم كما لعنهم » (رواه أبو داوود)، والتواصي بالحق : « والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصلوا بالحق وتواصلوا بالصبر » (سورة العصر)، والأخذ على يد الظالم : « لأفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر » (أبو داوود والترمذي والنسائي وابن حنبل)، وكل هذه المبادئ تمثل القاعدة في الحكم الإسلامي.
إذا لنحاول أن نتتبع مفهوم المعارضة بالمعنى الذي يقيد تقويم السلوك السياسي العام والأخلاقي و.. وذلك عبر جملة من الشواهد من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أو من سيرة الخلفاء الراشدين ومقصدنا في ذلك إبراز جوهر المبدأ دون أشكاله التطبيقية، ذلك أن القيم التي نادى بها الإسلام ورأت تطبيقها في السيرة النبوية والخلاصة الراشدة والتي أغنت تجربة الحكم في الإسلام ظلت حبيسة القيمة الأخلاقية ولم تتحول إلى آلية للحكم وذلك تحت ذريعة اتقاء الفتنة وحكم الضرورة إلى إجازة إمامة المتغلب وما تناسل عنها من تخريجات فقهية تكرس القبول بالإستبداد.
وفيما يتعلق بالأمور التي تكون موضوع مراجعة ونقاش أوضح ابن تيمية «أن الأمور التي راجع فيها المسلمون الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت تتعلق بأحد جانبين : فهي إما من أمور السياسية التي يستساغ فيه الإجتهاد، وإما أنها من قبيل الرأي والظن في الدنيا كقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن تلقيح النخل « إنما ظننت فلا تؤاخذوني بالظن ولكن إذا حدثكم عن الله بشيء فخذوه، فإنني لن أكذب على الله »! وكما قال في رواية أخرى « أنتم أعلم بأمور دنياكم فما كان من أمور دينكم فإلي » فرسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي يجيز الصاحبته مراجعته في غير مهام تبليغ الرسالة. وهي نفس الروح التي نجدها في خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في مرضه الأخير (2) «أيها الناس من كنت جلدت له ظهرا، فهذا ظهري فليستقد مني، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد مني، ومن أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ مني، ولا يخشى الشحناء من قلبي فإنها ليست من شأني » ويعلق محمد عمارة على هذا الحديث بقوله : « هنا يتحدث محمد رسول الله (ص) كحاكم للدولة، وليس بصفته الرسول المعصوم لأنه في التبليغ عن الله لا يجلد ظهرا ولا يشتم عرضا ولا يأخذ مالا، فهو في التبليغ معصوم ..» (3) فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن تحمل المسؤولية يقابله الإستعداد للمحاسبة والمراجعة وليس كما هو الشأن في دول العالم الإسلامي اليوم حيث رأس الدولة لا يسأل عما يفعل والشعب يسأل.
وفي خطبة صعود أبي بكر للخلافة يقول رضي الله عنه : « إن أطعت فأعينوني وإن عصيت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم، فلقد وليت عليكم ولست بخيركم» ومن ثم فقد رفض أن يدعى « خليفة الله » وفضل بدلا عنه خليفة رسول الله »، حتى يزيل عن نفسه كل مظهر للقداسة قد تمنع المسلمين من ممارسة واجب النصح والمعارضة تجاهه.
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما يروى عنه أنه قال يوما على المنبر : « يا معشر المسلمين، ماذا تقولون لو ملت برأسي إلى الدنيا كذا « وميل رأسه »؟ فقام إليه رجل فقال : أجل كنا نقول بالسيف كذا وأشار للقطع فقال عمر : إياي تعني ؟ فقال الرجل : نعم إياك أعني بقولي، فقال عمر : رحمك الله، الحمد لله الذي جعل في رعيتي من إذا تعوجت قومني ».
وقد عبر الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه عن موقف متقدم وسعة صدر في تقبل الرأي الآخر المعارض له في حادث الخوارج المعروف، ولم يحاربوا إلا عندما حاربوا وقتلوا جنينا في بطن أمه. وقد التمس لهم رضي الله عنه العذر فأوصى بعدم قتالهم بعد موته بقوله : « ليس من أراد الحق فأخطأه كمن أراد الباطل فأدركه ».
والسياسة على حد قول ابن قيم الجوزية : « ما كان من الأفعال بحيث يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يشرعه الرسول (صلى الله عليه وسلم ولا نزل به الوحي فهي لا تنحصر فيما نطق به الشرع وإنما تشمل ما لم يخالف ما نطق به الشرع .. والسياسة العادلة غير مخالفة للشريعة الكاملة بل هي جزء من أجزاءها وباب من أبوابها وتسميتها سياسة أمر اصطلاحي وإلا فإذا كانت عدلا فهي من الشرع » (4) فتدعيم المعارضة أمر أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، ومبنى الشريعة قائم على تحصيل المصالح ودرء المفاسد، خصوصاً إذا كانت من حجم مفاسد سلطة مطلقة كالتي تعرفها الدولة الحديثة.
على أن المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي تتميز عنها في النظم الليبرالية بميزتين :
1- المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي موجهة نحو الإجتهاد في إيجاد أحسن البدائل وأفضل الوسائل ولا تتجه بالضرورة إلى الظفر بالسلطة لأن هذه الأخيرة وسيلة لتحقيق غاية الرسالة : « الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور » (سورة الحج آية 39)، وهذه الخاصية هي بمثابة دعامة أخلاقية للمعارضة وسياج لها عن الإنحراف عن المصلحة العامة.
2- وقوف المعارضة عند حدود الشريعة الإسلامية وسيادتها في المجتمع والدولة الإسلامية لأن الإسلام الذي أمن لغير المعتقدين به حقوقا فريدة لا يمكنه أن يشرع لإلغاء نفسه « لا يمكن لعقيدة أن تشرع إلغاء نفسها، يمكن أن تشرع قبول غيرها والتعايش معه، يمكن أن تشرع حرية الإعتقاد بها، أما أن يصل الأمر إلى تشريع إلغاء الذات، فهذا أمر لا يمكن للإسلام أن يقدم عليه .. لأنه مجرد أن يفعل ذلك يكون قد عبر عن عدم صدقيته وعدم حقانيته » (5)
إن ما يواجه المجتمعات اليوم هو تهديد الإستبداد، وإن الرهان اليوم يتمثل في إرساء ضمانات حقيقية لمنع الجور والإستبداد والعسف تحت أي مبررات ومسميات وتأمين قدر عال من الوعي الحقوقي والسلوك الديمقراطي في كل مستويات النسيج الإجتماعي، وإنه لمن الأسى والحسرة أن ننتسب إلى أمة يقول ربها « إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا » تحمل كل هذا الركام من الظلم وتتبوأ المراتب المتقدمة بين الأمم في القهر والإستبعاد وكان الأولى أن تتمثل قوله تعالى ملخصا رسالة الرسل « لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ».
هوامش :
1) قال تعالى في سورة الشورى آية 35 « والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون » يقول الإمام بن عطية : « فإن الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب » (القرطبي - الجامع لأحكام القرآن ج 4 ص 249).
2) تاريخ الطبري ج 13 ص 189-190.
3) محمد عمارة - معالم المنهج الإسلامي ص 132 منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
4) ابن قيم الجوزية اعلام الموقعين ج 4 ص 374-372.
5) محمد مهدي شمس الدين - منبر الحوار - عدد 34 - السنة التاسعة.

ذ.بوشعيب بلامين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://rissali.yoo7.com
 
المعارضة في الفكر السياسي الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البرنامج التربوي الرسالي :: الصفحة الرئيسية :: مواضيع متميزة ( للنقاش والحوار )-
انتقل الى: