البرنامج التربوي الرسالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


كل مايتعلق بالبرنامج التربوي الرسالي لحركة التوحيد والإصلاح المغربية.
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تأملات في البناء التربوي للحركة الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المشرف
Admin
المشرف


ذكر عدد الرسائل : 159
تاريخ التسجيل : 20/03/2008

تأملات في البناء التربوي للحركة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: تأملات في البناء التربوي للحركة الإسلامية   تأملات في البناء التربوي للحركة الإسلامية Emptyالثلاثاء أبريل 01, 2008 3:52 am

يعيش الجسم الحركي الإسلامي المغربي عامة حالة من الاسترخاء تغيب فيها الفاعلية التي انطلق بها في البدايات، وبالنظر إلى حجم المسؤوليات الملقاة على هذا الجسم يتأسف الإنسان، ويهتجس في خاطره الكثير من الأسئلة القلقة، كيف ولماذا وصل الأمر إلى هذه الحالة ؟- وما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الاسترخاء ؟ هل المسألة ضاربة بجذورها في طبيعة البناء التربوي والتشكيل الثقافي ؟ أم أن الأمر مرتبط بمرحلة عابرة ؟ هذا المقال محاولة لوضع اليد على أخلال هذا الواقع الحركي الإسلامي.
ويمكن ابتداء الانطلاق من فكرة أن النتائج التي تراكمت والوضعية التي ندرسها ذات مقدمات في نماذج ومناهج التربية والتثقيف التي عمل بها سنين طويلة، وهذا ليس اختزال وتبسيط إنما نحن موقنون بأن هناك أبعادا سياسية واقتصادية وتاريخية تؤثر في ذلك وطريقتنا في التناول بحث في الجذور.

إن أزمة المنهج التربوي والتشكيل الثقافي داخل حقل الحركة الإسلامية هو هيمنة النزعة التركيبية وسيادة الوساطة في العمليات التربوية.

وإذا كان الأستاذ فريد الأنصاري قد أثار هذا الموضوع من زوايا العقيدة والفقه والتاريخ (بحكم إلمامه) فإننا اخترنا تناول موضوع الوساطة من زاوية التأثير الذي يحدثه في السلوك الحركي لدى قطاع كبير من الحركة الإسلامية تسود فيه الوساطة- موضع البحث، وحتى محاولة ذ. الأنصاري انطلقت من ملاحظات عميقة وملامسة داعية للواقع التربوي الإسلامي وإن لم يعلن في بحثه عن ذلك.

هناك إشباع لدى أبناء الحركة الإسلامية بالوساطة الروحية والفكرية على حد التقسيم الذي عمل به ذ. الأنصاري. وإذا استقرأنا تاريخنا سوف نجد أن هذا الحال يعكس المناخ الثقافي اللامتوازن الذي تراكم من زمن بعيد في بيئتنا المغربية بحكم تعاقب دول في شكل قبائل وزوايا وأسر « شريفة » على تجربة الحكم ولا يزال هذا المناخ يؤثر في التجربة السياسية والتغيرات المجتمعية الحديثة ناهيك عن هيمنة الفكر الطرقي (التي سادت في الكثير من المراحل) في مراحل كثيرة من تاريخنا.

تأثرت الحركة الإسلامية بهذا المناخ ولم تستطع التخلص منه، ودعمه استنساخها للتجارب التغييرية في المشرق التي لم تخلو من ذلك أيضا لكن في حدود أضعف،. ولهذا لا نستغرب أن نجد تلك الفجوة بين الدولة السلطة/والمجتمع التي تملأها نخب فوضت لها العلاقة والتمثيلية.

ويبقى قطاع كبير مهمشا ربما مشاركة في بناء التجارب المجتمعية لا يرى في حكامه رجلاً يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق.

إذن كيف تفعل الوساطة في المناخ الذي تشكلت فيه ؟

تعمل الوساطة في مستويات معينة على تغييب العلاقات البسيطة والمباشرة بين عينات الإجتماع البشري، بين الدولة والمجتمع بين الفرد والمؤسسة وداخل الجماعات الإجتماعية. ومن الطبيعي جدا أن هذه العلاقات الغير المباشرة تسجن الوعي بتدخل وسائط لا تربي على المنهج وإنما تربي على التقليد وعلى الصنمية التي قد تنحرف بهذه العلاقات إلى أوضاع سلبية ربما تؤدي إلى الشرك باعتبار أن الآلهة التي ذكرها القرآن الكريم هي متنوعة وقد تتجسد في قيادات أو أفكار ومؤسسات الشيء الذي يخلق تعقيدات في السلوك والعلاقة مع الآخر.

يمكن لنا أن نلاحظ جيدا كيف ترتبك المواقف داخل المناخ الوساطي عندما تنزل نازلة في الواقع السياسي أو التنظيمي الداخلي إنها تتوزع بتوزيع المحاور والرموز على تلك المواقف، فلا ينشأ وعي آخر، ليس هناك عقول مستقلة لأنه غير مرغوب فيها مما يضعف عملية البناء التي تطور الوعي، ويبقى التوجيه التعسفي والتأسيس للمواقف حكرا على رموز معينة فيتعمق الخضوع والارتهان.

ولهذا قل أن نجد الحركات المشبعة بتأثير الوساطة حية بنقاشات وسجالات وحوارات نوعية، بينما تنزع الغالبية العظمى إلى الإنجاز اليومي وتنتزع الأقلية/ النخبة إلى التحكم والتسلط غير المعلنين وهذا قد يحصل في الحركة الإسلامية رغم ما يقال من أنها ترتكز على بناء تربوي أخلاقي، ونحن نسائل هذا البناء، يحصل هذا وكأن الجماهير في الإنتماء هو الامتداد بأفكار وقيم صنعها عقل فردي أو نخبة مقدسة، إن ذلك يعكس أزمة الحرية داخل الفضاءات المعينة.

إنه بإمكاننا أن نستدل على هذه الأفكار بإحداث وأمثلة ضاربة في نسيج العمل الإسلامي بالمغرب ولكننا أثرنا أن نتجنب الإشارة إلى ذلك لأن همنا ليس نقد جهة أو جهات معينة ولكن الهم الأول هو طرح هذه الأفكار ليناقشها الجميع وليطرح على نفسه هذه الأسئلة.

يتحول الفكر والتربية في مناخ وساطي إلى إيديولوجية تقف حاجزا أمام كل محاولات النقد والتجديد والإنفتاح على المناخات المعرفية، لأنه في الوقت الذي تفكك المعرفة الإيديولوجيا تنشأ هذه الأخيرة أفكارا جاهزة أسسها مواقف تطبعها نزعة التحكم والعلاقات الصنمية.

الأجيال التي ترى في مناخ كهذا لا تقوى على التجديد ولا تنتج أطرا قيادية متنوعة، الشيء الذي يعيق التطور والترشيد والذين يصلون إلى مواقع متميزة فهم الذين يتماهون مع رموز الوساطة ويخلقون معها علاقات حميمية ومحدودة.

يمكن للمناخ الوساطي أن يغذي فاعلية (مستديمة) مستمرة لكن فاعلية غير واعية لأنها لا تدفق في المشروع وفي أسسه ولا تتجرأ على الأسئلة الحقيقية وإنما هي أدوات تنفيذ تنتظر أن يفعل بها ويحضر لها من البرامج والأجوبة لتكون آنذاك الإستجابة الفورية لأنها ألغت التلقي والإنتظار والاستهلاك.

المناخ الوساطي لا يعطي تحولات نوعية في التربية والفكر والحركة، إنه مرتبط « بطبعه » بناء ثقافي لا يعطي لعملية التفكير حقها في بلورة القناعات وفي رسم معالم الحظوظ الفكرية والبرنامجية، وهنا المقصود تعميم حظوظ هذه العملية بدل أن يستبد بها البعض ويكون البعض الآخر تابعا، وتبقى التحولات رهينة بتحول الوسيط أو الوساطة مما يحتمل أن تدفع البناء إلى مخاطر حيث يتم التعسف على المسار بتقلب الوسيط في الوقت الذي يحتاج التحول إلى تقلب في بنيات التفكير الجماعية.

الوساطة فعل تنويم مغناطيسي، لا تصيغ شخصيات متحررة مستقلة، لأنها تساعد على نمو قابلية البلادة في الحس والتحجر في الفكر. بحيث شئنا أم أبينا- فقد عرفت الإنسانية منعطفات معرفية كبرى من أهم ميزاتها رجحان الحرية الفردية على الحرية الجماعية وهذه النزعة سلبية بل ذلك يتطلب عملية ضبط للنسب، وإذا ما رجعنا إلى سياق الرسالة الإسلامية سوف نقف على المسألة التي تؤكد أولوية الخطاب القرآني للفرد ثم البناء الجماعي، وكأن ذلك يعني إرادة تحرير الإنسان من الارتباطات الاجتماعية التاريخية ثم الدخول في عملية بناء جماعي « الأمة لا تسحق الفرد بل يبقى نواة متحررة يطبع بوعي وينضبط للأفق الجماعي بوعي، ولهذا على القيادات الإسلامية والأطر المسؤولة التي غالبا ما تشكل وساطات وجسر عبور لها أن تتعامل مع النزعة الفردية بحذر عليها أن تتخلص من نزعة التسلط والتمركز وأن تربي الجميع على المشاركة وطرح الأسئلة وإعمال العقل.

وإلا فإن هذه الجماهير التي تربت داخل مناخ الوساطة فسوف لن تكون قادرة على الاستمرارية أو إحداث تحولات ثقافية داخل نفسها أولا وداخل مجتمعاتها لصالح المشروع الإسلامي ذهنية وتشريعا ومنهجا.

وألا يتم الاغترار بمكتسبات التكاثر لأن المسألة ليست في إحداث الضغط والإرهاب العددي وإنما الجوهر في كيف يكون البناء الحركي مرتكزا على عمق ثقافي متحرر من تراكمات الماضي السلبية ومنفتح على القيم الصحيحة وليس بناء سطحيا تضيع معه الجهود ومعرض للاهتزاز في أي وقت لتكتمل شروط هذا الاهتزاز.

إن دعوتنا هذه يجب ألا يفهم منها، أنها دعوة محكومة بهاجس الحرية الذي يروج له الفكر المغلوب المتأثر برياح وافدة. وإنما هو محاولة في تصحيح العلاقات داخل مناخ الحركة الإسلامية لضمان سلامة السير وبعث أفق جديد ينمحي معها الإسترخاء وتتخذ معه الفاعلية من جديد ..
عبد الرحمان سين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://rissali.yoo7.com
 
تأملات في البناء التربوي للحركة الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البرنامج التربوي الرسالي :: الصفحة الرئيسية :: مكون دروس البرنامج :: تحديات أمام الدعوة و العمل الإسلامي بالمغرب-
انتقل الى: