التقصير في تربية الأولاد
المظاهر- سبل الوقاية والعلاج
محمد بن إبراهيم الحمد
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.. أما بعد :
فإن الأولاد أمانة في أعناق الوالدين، والوالدان مسؤولان عن تلك الأمانة، والتقصير في تربية الأولاد خلل واضح، وخطأ فادح؛ فالبيت هو المدرسة الأولى للأولاد، والبيت هو اللبنة التي يتكون من أمثالها بناء المجتمع، وفي الأسرة الكريمة الراشدة التي تقوم على حماية حدود الله وحفظ شريعته، وعلى دعائم المحبة والمودة والرحمة والإيثار والتعاون والتقوى- ينشأ رجال الأمة ونساؤها، وقادتها وعظماؤها.
والولد قبل أن تربيه المدرسة والمجتمع- يربيه البيت والأسرة، وهو مدين لأبويه في سلوكه الاجتماعي المستقيم، كما أن أبويه مسؤولان إلى حد كبير عن انحرافه الخلقي. قال ابن القيم- رحمه الله تعالى- : "وكم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء".
والحديث في الصفحات التالية سيكون عن التقصير في تربية الأولاد وذلك من خلال الوقفات التالية
- التحذير من التقصير في تربية الأولاد.
- من مظاهر التقصير والخطأ في تربية الأولاد.
- تساؤلات.
- صور مشرقة من تربية السلف لأولادهم.
- مناشدة.
- السبل المعينة على تربية الأولاد.
وأخيرا أسال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يصلح لنا النية والذرية، وأن يعيننا على أنفسنا وأولادنا؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
الزلفي
الطبعة الأولى : 27/ 11/ 1414هـ
الطبعة الرابعة : 18/01/ 1423 هـ
التحذير من التقصير في تربية الأولاد
كما أن للوالدين حقاً على الأولاد- فكذلك للأولاد حق على الوالدين، وكما أن الله- عز وجل- أمرنا ببر الوالدين- كذلك أمرنا بالإحسان إلى الأولاد، فالإحسان إليهم والحرص على تربيتهم- أداء للأمانة، وإهمالهم والتقصير في حقوقهم- غش وخيانة.
ولقد تظاهرت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة- آمرة بالإحسان إلى الأولاد وأداء الأمانة إليهم، محذرة من إهمالهم والتقصير في حقوقهم.
قال- سبحانه وتعالى- : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء : 58].
وقال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال : 27].
وقال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم : 6].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "كلكم راع ومسؤول عن رعيته؟ فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته".
وقال : "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".