البرنامج التربوي الرسالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


كل مايتعلق بالبرنامج التربوي الرسالي لحركة التوحيد والإصلاح المغربية.
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المشاركة السياسية الإسلامية والثنائيات الوهمية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المشرف
Admin
المشرف


ذكر عدد الرسائل : 159
تاريخ التسجيل : 20/03/2008

المشاركة السياسية الإسلامية والثنائيات الوهمية Empty
مُساهمةموضوع: المشاركة السياسية الإسلامية والثنائيات الوهمية   المشاركة السياسية الإسلامية والثنائيات الوهمية Emptyالإثنين أبريل 07, 2008 12:54 pm

المشاركة السياسية الإسلامية والثنائيات الوهمية
مصطفى الخلفي

أفرز تطور المشاركة السياسية للحركة الإسلامية في المنطقة العربية سيلا جديدا من الثنائيات الوهمية، تجاوزت الاعتراضات القديمة على شرعية هذه المشاركة من الأصل، وأصبحت أداة للتحكم في حجم هذه المشاركة وخطابها ومواقفها وعلاقاتها.

ففي السابق كانت الاعتراضات تلجأ لمقولات من قبيل رفض مبدأ الحزب الإسلامي الديني باعتباره أداة للتفرقة ومدخلا لتكفير الآخر وسبيلا لنبذ الأقليات، أو القول بغياب البرنامج السياسي الذي يمثل العمود الفقري للحزب السياسي، أو اعتماد تهمة العداء للديمقراطية التي سادت في خطاب قطاع من الإسلاميين في مراحل سابقة تحت دعوى التعارض بين حاكمية الله وحاكمية الشعب، وهو ما يعني أن الحزب السياسي لا يمكنه الاشتغال في المجال الديمقراطي وهو رافض له من الأصل، وهي مقولات كانت محكومة بهاجس إقصاء العنصر الإسلامي ومنعه أصلا من ولوج الحقل السياسي.

أما الآن فإن الخطاب المناهض للمشاركة السياسية يرفع مقولات جديدة ليس بغرض الإقصاء، فذلك أصبح مسألة لا تتحقق إلا بسياسة استئصالية مكلفة، بل بهدف التحجيم المتعايش مع هذه المشاركة المتحكم في سقفها وآثارها. ومن هذه المقولات نذكر ثلاث ثنائيات أساسية، الدعوي والحزبي، والسياسي والديني، والدستوري والعرفي، وهي ثنائيات تعكس جوهر المأزق الحالي لتيار المشاركة السياسية ولا يمكن توقع تطور له من دون حسم فيها.

بخصوص الثنائية الأولى، فإنها تحيل على إرادة الفصل بين فعل الحركة الإسلامية كهيئة دعوية وبين ممارسة الأحزاب السياسية المنبثقة عنها. وهو موقف ظاهره صحيح وباطنه باطل، فمن الناحية النظرية نجد أن حقل الحركة الدعوية يختلف من حيث الآليات والقواعد عن حقل الحركة السياسية وأي دمج بينهما يؤدي إلى الخلط، وهو الموقف الذي سارت عليه قطاعات من الحركة الإسلامية في عدد من البلدان، إلا أن باطن هذا الموقف هو تحييد دور الهيئات الدعوية والحركية في دعم الهيئات السياسية ذات المرجعية الإسلامية، وهو ما تجلى في الحالة المغربية عبر المطالبة المستمرة بإنهاء حركة التوحيد والإصلاح لدعمها لحزب العدالة والتنمية لأن ذلك فيه إخلال بقواعد التنافس وهي مطالبة بأخذ صيغة الفصل بين الدعوي والحزبي إلا أنها واقعا تهدف لإضعاف الحزب. وذلك في الوقت الذي نجد فيه كل حزب سياسي يتفاعل مع مجموعة من النقابات والجمعيات الداعمة له، ليس في المغرب وحده أو العالم العربي بل أيضا في مختلف دول العالم.

أما عن الثنائية الثانية والمرتبطة بالعلاقة بين الديني والسياسي، فنجدها هي الأخرى أداة تحجيم تستند في ذلك إلى قوانين الأحزاب القائمة والتي تصرح برفض تأسيس أحزاب على أسس دينية، إلا أنها واقعا تدفع في إبعاد الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية عن الاشتغال في قضايا الهوية والتدين، واتهامها بالطابع الأخلاقي تبعا لذلك. وفي النهاية التحكم في خطابها بما يؤثر على تفاعلها مع الشرائح المتدينة في المجتمع ويقلص من قدرتها على الاستجابة لمطالب هذه الفئات وتوجهاتها، وبالتالي فقدان دعم القاعدة الناخبة الأصلية وبالتالي الهوية الأساسية. ولئن كانت الثنائية الأولى تستبطن نزوعا لفصل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية عن قاعدتها التنظيمية، والثنائية الثانية إرادة لفك ارتباطها بقاعدتها الاجتماعية، فإن الثالثة المتعلقة بثنائية الدستور والعرف، تهدف إلى إفقاد هذه الأحزاب القدرة على تدبير تدافعها السياسي مع باقي الأطراف وفق القواعد الدستورية القائمة على التنافس الديمقراطي الانتخابي واعتماد قواعد عرفية قائمة على التوافق والتوازنات السياسية الفعلية بديلا عن الأولى، وغني عن الذكر أن مروِّجي الثنائيات السابقة لا يعون وهم يدعون لهذه الثنائية الثالثة أنهم في تناقض صريح وكلي معها. فالديمقراطية التي كانت شعارا تُبنى عليه دعاوى الفصل بين الدعوي والحزبي والسياسي والديني أصبحت منسية في الدعوة لثنائية الفصل بين العرف والدستور، لاسيَّما وهي تعتمد على القول بخصوصية وضعية الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية مما يقتضي تجاوز التدبير العادي واعتماد تدبير جد خاص.

بكلمة، إن الثنائيات الثلاث تبتغي إفقاد هذه الأحزاب قدراتها التحالفية والشعبية ثم تدفعها لتدبير تدافعها مع الآخرين خارج القواعد الديمقراطية، وهي وضعية تذكرنا بالمثل الشائع في الحرب، عندما يلجأ طرف ما إلى المفاوضات لتحقيق ما عجز عن إنجازه بالحرب. أي: أن عددا من الأنظمة أخذت تنزع نحو تحقيق أهداف تحجيم الاندفاعية السياسية للحركة الإسلامية عبر المشاركة المتحكم فيها بالمقولات الثلاث الآنفة بعد أن فشلت هذه الأنظمة في تحقيق هذا التحجيم بالمنع والرفض والمواجهة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://rissali.yoo7.com
 
المشاركة السياسية الإسلامية والثنائيات الوهمية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
البرنامج التربوي الرسالي :: الصفحة الرئيسية :: مكون دروس البرنامج :: تحديات أمام الدعوة و العمل الإسلامي بالمغرب-
انتقل الى: